مسألة خطف الجندي الصهيوني المتلبس بحالة الاعتداء (الجندي لم يخطف من غرفة نومه طبعًا).. لا يمكن النظر إليها على أساس أنها مجرد عملية من عمليات الاشتباك البسيطة والعادية التي تتكرَّر خلال الصراع العربي الصهيوني!!

ردود الفعل الصهيونية التي توجت باختطاف وزراء الحكومة والنواب الذين يضطر عباس لوصفهم بالشرعيين بسبب نجاحهم بالانتخاب، وسبقتها تصريحاتٌ صهيونيةٌ تعلن رفض أية مطالب لإطلاق سراح الأسرى حتى من النساء والأطفال، وقطع النفط والكهرباء، ثم التحضير للاجتياح الذي تصطف الأمة العربية للتفرج عليه على جوانب الطرق وفي مقاهي التلفزيون التي تعرض مباريات كأس العالم.. بعد المباريات طبعًا!!

الوزراء والنواب المخطوفون يعرفون ما ينتظرهم.. وهم كما عرفناهم مستعدون لفداء موطنهم.. ولكن خطفهم صفعة على وجه كل وزير ونائب عربي في الوطن العربي.. يجب أن يعرف أن طائرات الأباشي الصهيونية يمكن أن تأتي وتخطفه من بيته إذا ما فكَّر في مخالفةِ الشرعيتَيْن الدولية والعربية السائدتَيْن وشرعية مبادرة بيروت.. وأنه لا توجد جيوش عربية قادرةٌ على حمايته في تلك اللحظة!!

لقد بدأ الاجتياح فعلاً فَجْرَ الإثنين بقصف غزة وضرب مقارٍّ لفتح ومحطة الكهرباء ومدرسة وجامعة، واعتبار الصهاينة لعمليات بدء الاجتياح مجرد رسالةٍ وعمل رمزي وعملية بحث عن الألغام، كما قال ناطق صهيوني، حتى إن الأمم المتحدة المؤيِّدة دائمًا للصهاينة اضطرت أن تصفَ العمليات بأنها انتهاكٌ لكلِّ المبادئ الإنسانية.. ونحن نعرف أن البحث عن الألغام عملية تسبق عمليات الاجتياح.

شكلت ردود الفعل العربية الرسمية والشعبية والمواقف الدولية عناوين يجب أن تُدْرَسَ بعمق في هذه المرحلة المتزامنة مع وثيقة الأسرى والموافقة الحماسية على صيغتها المعدلة، وخصوصًا مقايضة شعب كامل بتعريضه للإبادةِ والتهجيرِ المتوقَّع نتيجة للهجمة التي يحضِّر لها الكيان المحتل الغاصب.. لتحرير جندي من المؤكد أنه سيقتل في اللحظات الأولى لأية عملية عسكرية يقوم بها أولمرت.

الرسالة الصهيونية تؤكِّد موقف الصهاينة المُعْلَن أن ما يفعله عباس لخدمة أصدقائه الذين سلحوا حراسه- بالتفاوض مع حماس- لمَّا يصلْ إلى مستوى الفعل المقبول لديهم.. وأنها لن ترضي عنه إلا بتفكيك المقاومة. الذي عجز حتى الآن عن إنجازه رغم إعلانه باستمرار أن خارطة الطريق هي طريقه.

الرسالة العربية الرسمية واضحة ولا تحتاج إلى تحليل.. الجميع موافق على أن احتلال فلسطين عام 1948م سببه خطف الجندي في غزة عام 2006م.. والجميع معني بالجندي الصهيوني المدلل أكثر من كل سكان فلسطين.. والمجرمون في نظر العرب الرسميين هم خاطفو الجندي وليس الجندي الذي اختطف وهو يمارس العدوان.. وربما أصبحوا الآن يخشون أن تأتيهم قوات الاختطاف إلى قصورهم وتسرقهم إلى تل أبيب إذا احتجوا على ما يفعله الاحتلال.

العالم قزم المسألة وأصبح يسميها "مشكلة الجندي المخطوف".. والشرعية الدولية كشفت بهذا التقزيم عن حقيقة وقوفها إلى جانب العدوان على الشعب العربي في الأراضي المحتلة وغير المحتلة.

ويبقى المفتاح الأول للردِّ على هذه المسألة بيد خاطفي الجندي الذين إذا تنازلوا يوجهون طعنة إلى الموقف المقاوم.. ويشجعون على تنازلات قد تبدأ ولكنها لن تنتهي في ظل وجود سلطة وحكام عرب كالسلطة والحكام الموجودين حاليًا.. وفي كل الأحوال فإن خاطفي الجندي يعرفون تمامًا- ولحسن الحظ- أن العدوانَ مستمر منذ عقود، وأن التنازلات لن توقف العدوان سواء أطلقوا الجندي أم واصلوا الاحتفاظ به.

أما المفتاح الثاني فيبقى بيد هذه الأمة التي عليها أن تنسى ولو قليلاً كأس العالم، وتنهض للوقوف إلى جانب المقاومة بتحدي كل الشرعيات المتآمرة.. في كل الساحات
.

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

0 comments: